علامات الظهور الشريف وفق نظرية تطور الفكر البشري

علامات الظهور الشريف وفق نظرية تطور الفكر البشري:
-----------------------------------------------------------
تحدثنا في البحث السابق عن العامل المشترك الطبيعي الذي سيكون علة تحقق علامات الظهور الشريف في زمان واحد، وهو ذاته الذي يميز عصر الظهور عن العصور السالفة، وقلنا ان ذلك العامل هو التطور الفكري البشري، وفي بحثنا الحالي سوف نبين علية ذلك العامل في تحقق كل علامة من العلامات الحتمية.

خلع العرب اعنتها:
----------------
ان عامل تطور الفكر البشري للإنسان العربي وتأثر الشعوب العربية بمفاهيم الحداثة والتي اصبحت لديهم واقعا يفرض نفسه من خلال التطور التكنولوجي وما ساوقه من التغييرات التي جرت في انماط الحياة؛ هو الباعث للشعوب العربية الى الخروج على انظمة الحكم الديكتاتورية الرجعية والتي تحكم البلاد العربية منذ الاف السنين، مطالبة بتحقيق مفاهيم الحداثة من الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وما الى ذلك من مفاهيم حداثوية.
حيث ان نشوء الاجيال في ظل مرحلة ما بعد الحداثة احدثت فجوات كبيرة بين فكر تلك الاجيال والذي اخذ يتطور بصورة سريعة جدا وبين فكر الاجيال التي نشأت في فترة ما قبل النصف الثاني من القرن العشرين، حيث ان الطغاة من الحكام العرب الناشئين في النصف الثاني من القرن العشرين وهي فترة ما بعد الحداثة لم يستطيعوا الوقوف بوجه المد الحضاري وفوران براكين الفكر الحديث في اذهان الشعوب وما رفده من تطورات تكنولوجية، بالإضافة الى تأثر الحكام انفسهم بتلك التطورات، مما اضعف مقاومتهم وبالتالي ادى ذلك الى نجاح ثورات الشعوب العربية وخلع حكامها.

اكتمال العدة 313:
------------------
ان اكتمال العدة يعني وجود ثلاثمائة وثلاث عشر رجلا بمواصفات معينة سيكونون اصحاب الامام المهدي عج والقادة بين يديه، وهؤلاء القادة ينبغي ان يتوفر فيهم الوعي الكافي في القضية المهدوية والتسليم التام للإمام الحجة عج، وذلك الوعي والتسليم مرتبط بنضوج عقولهم وذلك باكتسابها للمعارف الموصلة الى ذلك القدر من الوعي بالقضية المهدوية.
وان مسألة توفر ذلك الوعي المطلوب بالقضية المهدوية في العدة الثلاثمائة والثلاث عشر رجلا في زمان الظهور المقدس؛ لابد ان يكون معلولا للتطور الفكري البشري في فترة ما بعد الحداثة بما احدثه ذلك التطور الفكري كما أسلفنا من تطور تكنولوجي وايجاد وتحديث انماط الحياة، حيث ان ذلك التطور الذي شهده العالم في شتى ميادين العلم والعمل في فترة ما بعد الحداثة كان عاملا اساسيا في إنضاج عقول اولئك الرجال واكتسابهم الوعي الكافي في القضية المهدوية، مع اهتمام اولئك الرجال النابع من الذات بالقضية المهدوية وعشقهم للطلعة الرشيدة وتربية أنفسهم على حب المهدي عج بملازمة الادعية الخاصة بالإمام والتي ربتهم على حب الامام وانتظاره ونزعتهم نحو التغيير الشامل، وتيقنهم بعدم امكانية الاصلاح التام في الارض الا بوجوده المقدس سيما بعد امتلاء الارض ظلما وجورا.
لذا كان العامل ذاته الذي ادى الى ثورة الشعوب على حكامها (تطور الفكر البشري) هو العامل الاساس في اكتمال نضج الوعي لدى العدة الثلاثمائة وثلاث عشر رجلا.

الصوت من دمشق بالفرج:
---------------------
وهو رجفة الشام التي وردت في روايات اهل البيت عليهم السلام حيث ان احداث الشام لن تنجلي كبقية احداث خلع العرب لحكامها والتي انتهت بخلعهم وتملك شعوبهم لبلدانهم، وانما سوف تستمر احداث الشام في النزاع بين الشعب والسلطة وستكون الرجفة هي بداية الطريق لإنهاء ذلك النزاع، حيث تقوم الرجفة بفتح سياسي للشيعة وتكون رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين.
ان هذه الرجفة لابد ان تكون من صنع الانسان وليست من الجهة الغيبية وذلك كون ان الرجفة هي المسبب الرئيسي لتحرك العلامات الأخرى حيث تحدث إنقلاباً في موازين القوى لصالح الشيعة بعد أن يكاد النواصب أن يستولوا على سوريا. ولما كانت العلامات الغيبية لم تتحقق بعد ولن تتحقق الا بعد خروج السفياني، وخروج اليماني والخراساني وتمكنهما من دحر السفياني حيث تحدث الصيحة الجبرائيلية ثم مقتل النفس الزكية ثم الخسف بالبيداء، فأن حدوث الرجفة قبل بدء العلامات الغيبية وكذلك حدوث بعض العلامات ذات المصدر البشري بعد الرجفة يجعلنا نقطع بأن الرجفة مصدرها بشري وليس غيبي. كما أن المواصفات التي وصفت بها الرجفة من اعداد القتلى التي تجاوزت المائة ألف وكذلك طبيعة الرجفة وآثارها فأنها تنطبق على استخدام أحد اسلحة الدمار الشامل.
وهذه الرجفة التي ستكون نقطة انطلاق العلامات، والتي كما اشرنا فأنها ستكون باستخدام احد اسلحة الدمار الشامل، وذلك السلاح هو احد منجزات الحقبة الاخيرة من عصر الحداثة والذي استخدم من قبل الامريكان بضرب المدينتين اليابانيتين هيروشيما وناكازاكي، وهذا السلاح لم يكتشف الا في النصف الاول من القرن العشرين فمثل هذه الرجفة لم تكن لتتحقق في ازمان سابقة لصناعة ذلك السلاح، وهنا يتضح لنا ان تطور الفكر البشري الذي ادى الى اكتشاف وصنع هذا السلاح هو علة حدوث الرجفة في نفس زمان تحقق بعض علامات الظهور المقدس كعلامة خلع العرب اعنتها واكتمال العدة فيكون هو العامل الوحيد المشترك بين تلك العلامات!

السفياني:
--------
السفياني هو ذلك المحتوم الذي لابد منه فلا قائم بلا سفياني كما ورد عن اهل البيت عليهم السلام، لأن السفياني يمثل الإلحاد كله والوثنية كلها مقابل المهدي عج الذي يمثل الايمان كله، حيث ان السفياني هو آخر وثن من الحكام العرب الطغاة يريد اعادة عجلة الزمان الى الوراء الى ما قبل مرحلة خلع العرب اعنتها، وتأخير الظهور المقدس واعادة امجاد الوثنية.
كل قوم من اقوام الأنبياء عليهم السلام، يبتليهم الله تعالى بنبيهم او يجعل لهم ما يبتليهم به مثل ناقة صالح عليه السلام او اصحاب لوط من الملائكة عليهم السلام، فلما يعصوا امر الله ويصرون على الوثنية والالحاد ينزل عليهم عذابه، وتلك سنن الله تعالى في خلقه.
وعندما رفع ابراهيم واسماعيل عليهما السلام قواعد البيت الحرام أذن الله تعالى بانتهاء الوثنية واقامة دولة العدل الالهي ليقدم ابراهيم عليه السلام ولده اسماعيل للذبح معلنا نزول العذاب على الملحدين وانتهاء الوثنية، الا ان مشيئة الله تعالى بإيجاد النبي محمد ص ورسالته الخاتمة تم تأجيل ذلك القربان وذلك الاعلان الى ما بعد الرسالة الخاتمية، وهكذا كان امر الله تعالى بقيام دولة العدل الالهية على يد القائم من آل محمد صلوات الله عليهم في آخر الزمان.
وعند حيان أوانها يقدم الامام الحجة عج قربانا بين الركن والمقام غلاما زكيا مكملا لمسيرة جده ابراهيم عليه السلام وفداء لأبيه اسماعيل عليه السلام واعلانا بأنهاء الوثنية، وهذه المرة سيذبح الغلام بأيدي اعداء الله فيغضب الله تعالى عليهم كما دلت الروايات فيخسف بجيش السفياني، ثم يأذن بالظهور المقدس ونزول العذاب على يد القائم عج وانصاره.
ذلك السفياني الملعون هو من سيقف بوجه التخطيط الالهي لاقامة دولة التوحيد والعدل. فتطور الفكر البشري الذي ادى الى اكتمال العدة وسعي الشعوب العربية الى خلع اوثانها، سيواجهه السفياني.
ان وقوف السفياني في وجه المد الحضاري يدل على مدى خبث ذلك السفياني وطغيانه.
ان معلولية تنجز علامة السفياني الى تطور الفكر البشري ينكشف في نشوء كيان ذلك السفياني في ظل الايديولوجيات السياسية المعاصرة والتي نشأت في نهاية عصر الحداثة وفي عصر ما بعد الحداثة فلابد ان يكون السفياني معتنقا لاحد الكيانات السياسية الحديثة (حزب، منظمة، حركة ...الخ) وذلك الكيان الذي ينتمي اليه السفياني يتبنى فكراً حداثوياً سلبياً مثل (القومية، الإشتراكية.... الخ) ولم نجد في سوريا الحديثة وفي العالم العربي انتشاراً ونفوذاً لفكر حداثوي كمثل الفكر القومي سيما بعد انهيار الشيوعية العالمية.
ان ذلك السفياني الفاشي القومي قد نُقش على حجره الأفكار الفاشية، فهو يروم الوقوف بوجه تيار التطور الفكري والذي لم يعد بالإمكان الوقوف بوجهه ومناوئته فهو آخر الاوثان من الحكام الطغاة العرب يريد اعادة عجلة الزمان الى الوراء الى ما قبل حركة خلع العرب لاعنتها وتأخير الظهور المقدس واعادة امجاد الوثنية الحاكمة بإقامته الدولة الكلبية السفيانية في حدودها الجغرافية القديمة.
وللبيان أكثر سوف نتطرق لمعلولية علامة خلع العرب لاعنتها لتطور الفكر البشري، حيث يعود سبب استطاعة الشعوب العربية خلع حكامها الطغاة الى نشوء أولئك الحكام في فترة ما بعد الحداثة ونهاية عصر الفاشية بزوال الفهرر والدوتشي وتسيد الانظمة الديمقراطية والديمقراطية الليبرالية على العالم.
فأولئك الطغاة بالرغم من تقمصهم للأدوار الطغيانية الفاشية؛ الا انه لا يخفى تأثرهم بالتطور الفكري الذي غزى العالم بأسره وشمل جميع ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حتى اخذ العالم يتجدد ويتطور في كل حقبة بل في كل عام وشهر ويوم، وفي ظل التطور التكنولوجي أصبح العالم كما يسمى اليوم (قرية صغيرة) فلم يستطع أولئك الطغاة الذين يحكمون العالم العربي بالفكر الفاشي الرجعي من الصمود بوجه ذلك التطور الفكري.
وهذا التنظير الفلسفي يقودنا الى الظن بأن السفياني والذي هو الطاغوت الاخير والوثن الخاتم انما هو من مواليد النصف الاول من القرن العشرين، وإذا صدق هذا الظن فأن السفياني يكون من مواليد الثلاثينات او بداية الاربعينات من القرن العشرين، فعلى اقل تقدير يكون السفياني اليوم في العقد السادس أو السابع من عمره، وعلى ذلك والله تعالى العالم فأن عمره القيادي لن يتجاوز العشرين عاماً القادمة كحد اقصى، وهذا ليس توقيتاً وإنما هي حسابات منطقية.

النفس الزكية:
-------------
هو ذلك الغلام الحسني الموكل اليه الاعلان عن نهاية عبادة الاوثان وبدء انطلاقة دولة التوحيد والعدل الالهي والخلافة الحقة في الارض.
والسر في اختيار الغلام بذلك السن هو للإشارة عن مرور البشرية بمرحلة المراهقة الفكرية. وذلك الغلام الزكي سوف يقدم قربانا عند الكعبة بين الركن والمقام لإعلان نهاية الوثنية واقبال مرحلة العبادة التوحيدية الحقة، وذلك الاعلان تم تأجيله من قبل السماء عندما صدر الامر الالهي لإبراهيم عليه السلام بإلغاء امر ذبح ابنه اسماعيل عليهما السلام.
وذلك الغلام لابد ان يكون قد بلغ سن التكليف لكي يستطيع الامام عج ان يكلفه بالإعلان.
عندما نبحث في ظروف الدور المنوط الى النفس الزكية نجدها ظروفاً موضوعية.
لكي يقوم الغلام بالإعلان بين الركن والمقام، يكون بحاجة الى عدة امور لتنجيز الاعلان بالصورة المطلوبة اهم هذه المتطلبات هي:

1-مكبرة صوت وذلك لكثرة الوافدين الى الكعبة المشرفة، ونظرا لعدم امكانية ادخال مكبر الصوت الى داخل الحرم؛ فأن الغلام سوف يعتمد على قدراته الذاتية في الإعلان، حيث انه سيعتمد على علو وجهورية صوته.

2-نظرا لإرتباك الاوضاع في الحجاز نتيجة الاضطراب الامني الحاصل والذي ادى الى دخول القوات السورية الى الحجاز، وكذلك كون ان من يدير شؤون الحرم هم من النواصب؛ فأن ذلك الغلام سيكون في ظرف صعب مما يحتاج الى ان يكون قد تدرب على القاء الخطب في المحافل، والذي يدل على انه كان خطيبا حسينياً، وهو كذلك مشحون بمفاهيم الجهاد وبذل النفس من اجل القضية الإلهية، وبالرغم من صغر سنه الا انه يملك رباطة جأش لابد ان يكون قد اكتسبها من اسرته، والتي لابد ان يكون لها تأريخ جهادي مشرّف.
مثل هكذا شاب يمتلك تلك الشجاعة والثقافة الإعلامية، وهو بذلك السن الصغيرة فإن هذه الموهبة لم تعهد من قبل الا في زمان التطور الفكري والتطور التكنولوجي الحديث، الذي وسع من مدارك الأطفال وجعلهم يسبقون أعمارهم، وبذلك يكون عامل تطور الفكر البشري هو العلة في نضج ذلك الغلام ليقوم بدوره الإعلامي المشرف.