مكامن الخلاف الموضوعي بين آل سعود

مكامن الخلاف الموضوعي بين آل سعود.
------------------------------------------------

بعد أن استعرضنا حديث الروايات، عن إختلاف آل فلان فيما بينهم، سوف نتحدث في هذا البحث، عن مكامن الخلاف الموضوعي بين آل سعود، سيما بعد موت عبد الله، وسوف نستعرض توابع ذلك الخلاف، على المجاميع الإرهابية التي يدعمها كيانهم.
مؤسس المملكة السعودية؛ هو عبد العزيز آل سعود، والذي لديه 37 ولداً، توفي أغلبهم، وحكم منهم خمسة وسادسهم (سلمان بن عبد العزيز) الملك الحالي وعمره (79 سنة)، وولي عهده مقرن بن عبد العزيز وعمره (69 سنة) ومقرن هو أصغر أبناء عبد العزيز، وربما هو آخر من سيتسنى له الحكم، من أبناء عبد العزيز، كونه أصغر الأبناء، وكذلك فإن ولي عهده؛ وهو محمد بن نايف بن عبد العزيز، هو أول أحفاد عبد العزيز، ينصب كولي ولي العهد.

حيث أصدر الملك سلمان عدة أوامر ملكية قضت بما يلي:

1- تعيين مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء.
2- تعيين محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد.
3- تعيين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وزيراً للدفاع.
4- اعفاء خالد بن عبدالعزيز التويجري رئيس الديوان الملكي والسكرتير للملك الراحل عبد الله من منصبه.
5- تعيين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيساً للديوان الملكي، ومستشاراً خاصّاً لسلمان بمرتبة وزير.

أسس الخلاف بين آل سعود:
-------------------------
على اثر تولي فهد بن عبد العزيز آل سعود حكم الكيان السعودي عام 1982، بدأ "السديريون" يتصدرون المشهد.

السديريون السبعة:
أهم زوجات عبد العزيز آل سعود هي (حصة بنت أحمد بن محمد السديري) تزوجها الملك عبد العزيز سنة ١٣٣١ هـ، ثم طلقها فتزوجها أخوه الأمير محمد، ثم طلقت منه وتزوجها عبد العزيز مرة اخرى سنة ١٣٣٩ هـ.
أنجبت حصة السديري سبعة من الأولاد يعرفون بالسديريين السبعة، وهم الجناح الأقوى داخل الأسرة الحاكمة! السديريون يمتلكون معظم الثروة النفطية ونصيب الأسد من وسائل الإعلام السعودية.

والسديريون السبعة هم:

1- الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود (متوفي)
2- سلطان بن عبد العزيز آل سعود (متوفي)
3- نايف بن عبد العزيز آل سعود (متوفي)
4- تركي الثاني بن عبد العزيز آل سعود (متوفي)
5- سلمان بن عبد العزيز آل سعود (الملك الحالي)
6- عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود (عمره 84 سنة)
7- أحمد بن عبد العزيز آل سعود (عمره 72 سنة)

في مقابل السديريين السبعة، يقف عبد الله الذي حكم المملكة لمدة عقد كامل، حيث أسس فيه جهة مضادة للسديريين، بعد أن أصدر مرسوماً ملكياً بتعيين مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد بعد سلمان، فيكون بذلك قد سنّ عرفاً جديداً، في تداول السلطة في المملكة بين السديريين وغيرهم، فترة بفترة، أي أن يحكم سديرياً ومن ثم يحكم آخر من غيرهم، لكيلا يستأثر السديريون بالحكم.

ليس هناك سجل بأنه يوجد لمُقرن إخوة، وهو في هذا مساو للملك عبد الله، مما قد يُفسر حقيقة الرباط الواضح القائم بين الرجلين، لقد كانت التحالفات الأخوية ذات أهمية في السياسات الملكية، فعلى مدى عقود، ظل ما يسمون "السديريون السبعة" شريحة حاسمة. ورغم وفاة الملك فهد وولي العهد سلطان ونايف الذي أضعف كتلتهم، يستمر الملك الحالي سلمان في قيادة الفصيل رغم إصابته بالخرف، مدعوماً بأبنائه وأبناء إخوته السديريون.

مسوغات الإختلاف بين آل سعود:
------------------------------------
1- الملك سلمان:
يبلغ سن الملك سلمان 79 عاما، وهو مصاب بمرض الزهايمر، ومرشح للإلتحاق بسلفه عما قريب إن شاء الله تعالى.

2- ولي العهد مقرن:
حيث يبلغ من العمر 70 عاماً، وأمامه متسعاً من الوقت للحكم، فقد يكون مستهدفاً من قبل محمد بن نايف، لإزالته عن العرش، واستعادة العرش الى السديريين، والمعروف عن مقرن أنه يحمل فكراً ليبرالياً، لذا فإن تعيين محمد بن نايف وليًا لولي العهد ليس خبرًا جيدًا بالنسبة للنشطاء الليبراليين؛ إذ إن منصبه كوزير للداخلية يعني أنه مسؤول عن قمع جميع أنواع المعارضة في الداخل، بما في ذلك المعارضة الليبرالية، كان تنصيب مقرن ولياً لولي العهد من قبل الملك عبد الله، من الأمور غير المتوقعة والتي تسلط الضوء على السياسات والإجراءات المُعقدة التي تحيط بالخلافة السعودية.

3- ولي ولي العهد محمد بن نايف بن عبد العزيز:
من مواليد 1959، وهو موضع الخلاف الأبرز، بين الأسرة الحاكمة، حيث أنه أول أحفاد عبد العزيز، مرشح لتسنم منصب الملك، وهؤلاء الأحفاد المتنافسين على السلطة في العقد الخامس من أعمارهم، فإذا ما تولى أحدهم منصب الملك، فقد يتسنى له حكم المملكة ما لا يقل عن 25 سنة، في الظروف الطبيعية، وهذا ما قد لا يروق لأبناء العمومة، أن يتقدمهم من سيحرمهم من جاه وعز الملوكية، لسنوات كثيرة قادمة!
ويعد محمد بن نايف الرجل القوي في مجال مكافحة الإرهاب، فقد قاد في السنوات الأخيرة الحرب على تنظيم القاعدة داخل المملكة. والأمير محمد صديق مقرب للولايات المتحدة ولاقى استحسان الدول الغربية لسحقه نشاط تنظيم القاعدة بين عامى 2003 و2006 عندما كان قائدا لقوات الأمن السعودية بينما كان والده وزيرا للداخلية.
وقد تعرض محمد بن نايف قبل سنوات، الى محاولة إغتيال نفذها أحد أعضاء تنظيم القاعدة الإرهابي.

4- احمد بن عبد العزيز آل سعود:
وزير الداخلية في الكيان السعودي في الفترة من 18 يونيو 2012 حتى 5 نوفمبر 2012، حيث قدم طلباً لتنحيته من منصب وزير الداخلية، وافق عليه الملك، ونصب مكانه محمد بن نايف، ورغب السديريون في تولية أحمد بن عبد العزيز ولاية العهد بعد سلمان، إلا أن الملك عبد الله عين الأمير مقرن بدلا منه! ومقرن ليس من السديريين السبعة.
أن قيام سلمان بتولية الرجل القوي محمد بن نايف، وهو من الأحفاد للملك المؤسس، بدلا من أخيه أحمد؛ إنما كان ذلك من أجل أن تكون السلطة ولسنوات كثيرة قادمة بيد رجل سديري قوي.

5- الرئيس الجديد للديوان الملكي، وهو أيضاً وزير الدفاع الجديد “محمد بن سلمان بن عبد العزيز”:
نجل الملك سلمان، في الـ 35 من عمره فقط، وهو ابنٌ أصغر للملك سلمان، ولكنه كان رئيسًا لديوان سلمان عندما كان وليًا للعهد. وعندما تدهورت صحة سلمان، (يقال إنه يعاني من الزهايمر)، صعد محمد بن سلمان بقوة وأصبح مؤثرًا على والده، مما جعل العديد من أفراد العائلة المالكة السعودية قلقين جدًا بشأن سلطته.
وفي حين أن البعض يأمل في الإصلاحات، بإنتقال العرش إلى الأجيال الشابة، بصورة طبيعية تضمن إستمرارية الكيان السعودي، إلا أن الحديث أصبح حديث آمال لا حديث أفعال.

دور الجماعات الإرهابية في الخلاف بين آل سعود:
-----------------------------------------------
حتى نهاية عهد عبد الله، وقيام ما يسمى بدولة الخلافة، التي أنشأها تنظيم داعش الإرهابي، كان الكيان السعودي يدعم الجماعات الإرهابية، لتنفيذ أجندات خارجية على المستوى الإقليمي، حتى إنقلب السحر على الساحر، وأصبحت الجماعات الإرهابية تهدد الأمن الداخلي السعودي، وهذا ما سيدعو آل سعود الى مسك العصا من الوسط، بين دعم الإرهاب، وخشية إنتشاره داخل المملكة، ولعب سياسة إدارة الأزمة، وبإختلاف آل سعود فيما بينهم، سوف تنشطر الجماعات الإرهابية الى شطرين، كل منها مدعوم من قبل جهة من جهات آل سعود.
القرار الأخير الذي إتخذه تنظيم داعش الإرهابي، بتعيين والي على مكة المكرمة، وآخر على المدينة المنورة، بأمر مباشر من زعيم التنظيم البغدادي، سيكون لذلك القرار أثره البالغ في إتخاذ الملك الجديد موقفاً من تنظيم داعش، ربما يستفيد منه متعب وأنصاره، في دعم داعش ضد السديريين، وعلى رأسهم الملك سلمان وأبن أخيه محمد بن نايف.