علامات الظهور- لماذا عبدالله

علامات الظهور المقدس
-----------------------------
لماذا عبد الله؟
-----------------
تحدثنا في الجزء الثاني من البحث، عن الأحداث التي تجري بعد موت عبد الله، وتبين لنا أن من بعد موت عبد الله سيحكم عدة ملوك، والسؤال المطروح هنا؛ لماذا عُد موت عبد الله علامة من علامات الظهور الشريف؟! فلماذا لم يُعد سلمان أو مقرن أو حتى محمد بن نايف، كعلامة من علامات الظهور، لماذا عبد الله دون غيره من حكام ال سعود؟!

لكي نصل الى غايتنا المرجوة، في معرفة فلسفة عد موت عبد الله علامة من علامات الظهور، ينبغي لنا أن نستعرض مكمن قوة الكيان السعودي الغاصب للحجاز، ونحن نؤكد على لفظ (الكيان السعودي) في مقابل الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الفلسطينية، فلا فرق لدينا بين الكيانين.

ولكي تكون فترة حكم عبد الله وأسلافه، مختلفة عن فترة حكم خلفائه، فلابد أن يحدث تضعضع في تلك القوة، بإنسيابية تراتبية نحو ضعف حكمهم وإنهياره في النهاية. وبتحسس ذلك التضعضع، عند ذلك نستطيع التعرف على سبب عد موت عبد الله، كعلامة من علامات الظهور، وذلك كونه آخر ملك يمسك بزمام قوة الكيان السعودي، إذ ينفرط عقد ذلك الكيان شيئاً فشيء من بعد موت عبد الله.

تكمن قوة الكيان السعودي في أربعة عوامل:

العامل الأول: الهيمنة على مقدرات المجتمع الثقافية.
-----------------------------------------------------------
تهيمن الفرقة السلفية على مقدرات المجتمع الثقافية، من خلال ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي تسير وفق فتاوى هيئة كبار العلماء، حيث تضيق على الحريات العامة للشعب، ومن ابرزها منع المذاهب الدينية الأخرى غير الوهابية، من أداء طقوسها الدينية، والتثقيف لمذاهبها، كذلك فرض تشريعات متشددة على المجتمع، كمنع المرأة من الدخول في العمل السياسي، وقيادتها للمركبات .. الخ.
مازالت تلك الهيئة تمارس عملها المعتاد، فهل ياترى ستبقى تمارس عملها بنفس الشدة، أم أنها سوف تضطر بقرارات سياسية من الملك الجديد، لفسح المجال للتقليل من وطأة الأحكام المفروضة على المجتمع؟! فإذا ما حدث ذلك فإنه ينذر بتهريء تلك الهيئة المسيسة، وبالتالي ضعضعة حكم آل سعود شيئاً فشيء، وسيشكل ذلك الحدث فارقاً كبيراً عن فترة حكم عبد الله وسلفه.
إذاً فعلينا متابعة عمل تلك الهيئة في الفترة المقبلة.

العامل الثاني: تغير السياسة الخارجية.
-------------------------------------------
قد تتغير بعض السياسات المتبعة في التعامل مع الخارج، على المستوى الدولي والإقليمي، ومنها ما درج عليه الملك عبد الله، من دعم بعض الحكام العرب، بما أوتي من قوة وأموال وجهد استخباراتي، ومقاتلين، ودرأهم من السقوط، كآل خليفة في البحرين، ومن سبقهم من الحكام الذين سقطوا في نهاية الأمر. وكذلك موقف الكيان السعودي من القضية السورية، والعراقية، وربما تغير موقفهم السياسي من بعض القوى العالمية والإقليمية كالولايات المتحدة وأوربا، والكيان الصهيوني، وروسيا، والجمهورية الإسلامية، واليمن، ولبنان. وحيث أن مواقفها الخارجية خلال العاميين الماضيين، أنتجت حالة واسعة من عدم الاستقرار ساعدت على توسع النفوذ الإيراني، وهو ما قد يدفعها لتغيير سياستها الخارجية على المستوى الإقليمي.

والمرتجى من تلك التغيرات، هو تغيير سياستهم تجاه "النظام السوري" فالنظام السوري أصبح بقاءه ضرورياً للكيان السعودي، مع ضرورة زوال بشار، وإستبداله بحاكم جديد من نفس النظام، وحتى من الممكن أن يكون من نفس الأسرة الحاكمة، فربما يكون رفعت الأسد مثلاً، والذي تربطه علاقة مصاهرة مع المقبور عبد الله، مما يجعله مرشحاً لنيل ثقة الكيان السعودي في حكم سورية. ويعود سبب تغير نظرة الكيان السعودي تجاه النظام السوري، بسبب قيام خلافة داعش، وتهديد أمن الكيان السعودي من قبل تلك الخلافة المزعومة، الخارجة عن طاعة أسيادها آل سعود.
تلك التغيرات وإن بان هلالها في نهاية حكم عبد الله، فإذا ما شرع تطبيقها العملي في فترة حكم سلمان ومن يخلفه، سوف تتميز فترة حكم عبد الله وسلفه، عن فترة حكم خلفه.

العامل الثالث: تضعضع القوة الإرهابية المدعومة من الكيان السعودي.
-----------------------------------------------------------------------------
مازال الكيان السعودي يدعم المجاميع السلفية التكفيرية، منذ تأسيس الكيان كمملكة، على يد عبد العزيز آل سعود، وحتى نهايات عهد عبد الله، عند ظهور داعش على الساحة، ودعوتها الى قيام الخلافة الإسلامية، الخارجة عن طاعة جميع الحكام العرب، سيما آل سعود الداعمين الأبرز لها.
ففي الفترة القادمة قد يضعف مركز التثقيف السلفي في المملكة، على أثر إصلاحات داخلية، وربما إنتقال خطر داعش الى الداخل السعودي، ومجمل تلك الأحداث ستؤدي في النهاية الى ضعف سيطرة الكيان السعودي، ومع الإختلاف المرتقب داخل الكيان السعودي، والذي يقتضي إنقسام الجماعات الإرهابية وفقاً، لإنقسام داعميها، والذي بدوره قد يدخل الجماعات الإرهابية، في خضم الصراع بين الأسرة الحاكمة، وبهذا تكون فترة حكم ما بعد عبد الله تختلف كثيراً، عن فترة حكمه وحكم أسلافه من آل سعود.

العامل الرابع: إنخفاض تأثير القوة الاقتصادية للكيان السعودي:
--------------------------------------------------------------------
العامل الاقتصادي لكيان آل سعود، هو النفط بالدرجة الأولى، حيث تحتل السعودية المرتبة الأولى عالمياً في تصدير النفط، والذي يذهب جزء كبير منه الى أمراء آل سعود، حيث ان إنخفاض سعر النفط الى نصف سعره في السنوات السابقة، حيث بدأ ذلك الإنخفاض في الأيام الأخيرة من حكم عبد الله، وما يرافقه من إختلاف الأسرة الحاكمة فيما بينها، ونشاط الجماعات الإرهابية في السعودية، وبالتالي زيادة النفقات، مما سيؤدي ذلك الى ضعف العامل الاقتصادي، إذن فالأزمة الاقتصادية التي مر بها الكيان السعودي بعد موت عبد الله، لم يمر بها كيانهم من قبل في عهد عبد الله وأسلافه من حكام آل سعود.

انهيار ملك آل سعود من شروط الظهور الشريف:
-----------------------------------------------------
ورد في الحديث الصحيح (1) عن الامام الصادق عليه السلام: قال له يعقوب السراج: متى فرج شيعتكم؟ قال: إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم، وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم، وخلعت العرب أعنتها، ورفع كل ذي صيصية صيصيته، وظهر الشامي، وأقبل اليماني، وتحرك الحسني، وخرج صاحب هذا الامر من المدينة إلى مكة. ... (2)
كما ورد في الرواية عن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه يقول: اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم...) (3)
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (لايقوم القائم إلا على خوف شديد وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، ثم سيف قاطع بين العرب، واختلاف بين الناس، وتشتت في دينهم، وتغير في حالهم، حتى يتمنى المتمني الموت صباحا ومساء من عِظَم ما يرى من تكالب الناس وأكلهم بعضهم بعضاً) (4)

بسبب كون الحجاز محل الظهور الشريف للامام المهدي (عج) فليس بإمكان الإمام عج الخروج وفي مساكن الظالمين طغاة حاكمون. فلابد من سقوط الانظمة الديكتاتورية الحاكمة في البلدان العربية، والمؤثرة على الجغرافية السياسية للظهور الشريف، سيما حكومة الحجاز. وهذه العلامة شرط من شروط الظهور الشريف، لان أحد علل الغيبة؛ هو تسيد الحكام الطغاة.
ومؤدى الروايات الثلاث اآنفة الذكر: ان الشعوب العربية تقوم بثورات على حكامها، تتوج بخلع اؤلئك الحكام، ثم تخرج الجماعات المطالبة بالحكم، على هيئة احزاب ومنظمات وائتلافات، وهو المعبر عنه (ورفع كل ذي صيصية صيصيته).
وكذلك ما ورد في الرواية: (لا يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ حَتَّى لا يَبْقَى قَيْلٌ وَلا ابْنُ قَيْلٍ إِلا هَلَكَ، وَالْقَيْلُ: الرَّأْسُ) (5)
اي لا يبقى حاكم مستبد محتكر للحكم الا هلك، وتصور الرواية أحوال الحكام العرب قبل الظهور الشريف، حيث الحكم الوراثي، فتثور عليهم شعوبهم، فتخلعهم ويستبدلون بأنظمة حاكمة بأرادة الشعوب.

متى ينهار حكم آل سعود؟
----------------------------
بعد موت الملك عبد الله، يصبح الحكم ضعيفاً، حتى يقترب من الإنهيار، قبل فترة وجيزة من الظهور الشريف، لذا فإن خشية الانهيار في السلطة، يعلل استدعاء جيش السفياني لحفظ الامن في الحجاز، لكن في النهاية لن يزول ملكهم حتى ظهور الإمام المهدي (عج) في العاشر من المحرم.

ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين. قال: قتل نفس حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة مالهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة. قلنا: هل قبل هذا من شئ أو بعده؟ فقال صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقطان، وتوقظ النائم، وتخرج الفتاة من خدرها) (6)

كما ورد في الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (يقوم القائم في سنة وتر من السنين: تسع، واحدة، ثلاث، خمس. وقال: ثم يملك (بنو فلان) فلا يزالون في عنفوان من الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم، فإذا اختلفوا ذهب ملكهم واختلف أهل الشرق وأهل الغرب، نعم وأهل القبلة، ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف، فلا يزالون بتلك إلى الحال حتى ينادي المنادي من السماء فإذا نادى فالنفر النفر) (7)

تتحدث الرواية عن الحياة المرفهة لأمراء الحجاز، حتى يختلفون فيما بينهم، فيتضعضع ملكهم، وينتهي ذلك الحال الى الظهور الشريف، وهنالك حيث الحكومة الحجازية الضعيفة، يتمكن الإمام الحجة عج من الخروج والإنقضاض على الحجاز، وتحريره من دنس الكيان السعودي والوهابية.
------------------------------------
(1) الحديث صحيح كما ورد في كتاب علامات الظهور للمحقق الشيخ جلال الدين الصغير ج2 ص166
(2) الكافي: ج 8 ص 224 -225 ح 258
(3) (كتاب الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص310)
(4) (كمال الدين للصدوق ص 434)
(5) كتاب الفتن لنعيم بن حماد/ رقم الحديث: 957(حديث مقطوع) حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قال:
(6) (البحار:52/234)
(7) (البحار:52/235)